يقول ابن بطوطة عن رحلته : " و دخلنا صحراء شديدة الحر ليست كالتي عهدنا، و كنا نرحل بعد صلاة العصر و نسري الليل كله و ننزل عند الصباح " .. "ثم وصلنا إلى مدينة ايوالاتن في غرة شهر ربيع الأول ، بعد سفر شهرين كامليين " ، " و كانت اقامتي بايوالاتن نحو خمسين يوماً، و أكرمني أهلها و أضافوني، و بلدة ايوالاتن شديدة الحر، و فيها يسير نخيلات يزرعون في ظلالها البطيخ، و ماؤها من أحساءٍ بها، و لحم الضأن كثير بها، و ثياب أهلها حسانٍ مصرية، و لنسائهم الجمال الفائق، و هن أعظم شأناً من الرجال " ..
" و شأن هؤلاء القوم عجيب، و أمرهم غريب، فأما رجالهم فلا غيرة لديهم، و لا ينتسب أحدهم إلى أبيه بل ينتسب لخاله، و لا يرث إلا أبناء أخته دون بنيه، و ذلك شئ ما رأيته في الدنيا إلا عند كفار بلاد المُـليبار من الهنود، و أما هؤلاء فهم مسلمون محافظون على الصلوات و تعلم الفقه و حفظ القرآن!!، و أما نساؤهم فلا يحتشمن من الرجال و لا يحتجبنّ مع مواظبتهن على الصلوات .
و من أراد التزوج منهن تزوج لكنهنّ لا يسافرن مع الزوج، و لو أرادت إحداهنّ ذلك لمنعها أهلها. و النساء هناك يكون لهن الأصدقاء و الأصحاب من الرجال الأجانب، و كذلك للرجال صواحبُ من النساء الأجنبيات، و يدخل أحدهم داره فيجد امرأته و معها صاحُبها فلا ينكر ذلك !" .
" دخلتُ يوماً على القاضي بايوالاتن، بعد اذنه في الدخول فوجدتُ عنده امرأة صغيرة السن بديعة الحسن، فلما رأيتها ارتبتُ و أردتُ الرجوع، فضحِكت مني و لم يُدركها خجل، و قال لي القاضي: لمَ ترجع ؟! إنها صاحبتي. فعجبتُ من شأنهما فإنه من الفقهاء الحجاج. و أُخبرت أنه استأذن السلطان في الحج في ذلك العام مع صاحبته، لا أدري أهي هذه أم لا " ..
" دخلتُ يوماً على أبي محمد المسوفي، فوجدته قاعداً على بساط، و في وسط داره سريرٌ مظلل عليه امرأةٌ معها رجلٌ قاعد و هما يتحدثان، فقلتُ له: من هذه المرأة؟ فقال: هي زوجتي. فقلتُ: و ما الرجلُ الذي معها؟ فقال: هو صاحُبها. فقلتُ له: أترضى بهذا و أنتَ قد سكنت بلادنا و عرفتَ أمور الشرع؟ فقال لي: مصاحبة النساء للرجال عندنا على خير و حسن طريقة لا تُهمة فيها، و لسن كنساء بلادكم. فعجبت من رُعونته و انصرفتُ عنه فلم أعد إليه بعدها، و استدعاني مرات فلم أُجبه" .. / انتهى كلام ابن بطوطة
في أحد الأيام قال زعيم الخزرج سعد بن عبادة رضي الله عنه لأصحابه: "لو رأيتُ رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح"، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم عنه: "أتعجبون من غيرة سعد! لأنا أغير منه ، والله أغير مني ، و غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله" ..
و بذلك تميز الرجل العربي بالخصوص بغيرته على نسائه و محارمه، فغيرة الرجل عند المرأة هي الحصن و الحماية و الأمان .. في أول مرة سمعتُ فيها حديث رسول الله: " لا يدخل الجنة ديوث" تعجبت أن يكون هناك رجلاً ديوثاً اذ الغيرة من طباع الرجال أصلاً ، و لكني كبرتُ قليلاً و تعجبت أكثر مما رأيت في غيرة معظم الشباب لأتساءل بحق أين معقل العلاقة بين الانفتاح و التعليم و الثقافة و التطور و العصرية و بين القيم و الثوابت و الايمان، و كذلك الرجولة !
كان ابن بطوطة مُحقاً ، فهو اذ أراد ان يصف حضارة او عادات اي بلد ينزل إليها فهو يصف نساؤها دائماً، باعتقاده أن النساء هن المرآة الصادقة لثقافة شعب ، فالمرأة هي صناعة فكرية لأسلوب حياة و شخصية رجل ..
===========
#ايوالاتن #موريتانيا #شمال_شرق_موريتانيا #قبائل_الامازيغ #قبائل_اليمن_المهاجرة #الهجرة_الى_شمال_افريقيا #الرحلة #ابن_بطوطة
#IbnBattuta #explorer #scholar #traveler #geographer #Travels #Rihla #TheRihla #storyteller #storytelling #novelist #story #tell
No comments:
Post a Comment