تقول العرب عن الهوى : هو ميل النفس العاطفي سواء من خير أو شر ، و يقولون "يهوى الشئ" إذا غيب عقله و حكم بما تميل به نفسه ، يقول ابن الجوزي: بأن ميل الطبع هذا خلق مع الانسان ..
في سبط من أسباط بنو اسرائيل الذين شُـتِتوا في الأرض من بعد موسى عليه السلام ، أحد الأسباط التي هاجرت من الشام إلى أرض اليمن عبر سلسلة جبال الحجاز الممتدة من الأردن و حتى اليمن و كان معظمهم من الصالحين .. فاستقروا هناك و عملوا و صارت لهم بيوتاً و أبناء ، و كانت النبوة تورث في بني اسرائيل ..ثم حكم تلك الديار ملكٌ ظالم اسمه "جالوت" أخرجهم من ديارهم و باعدهم عن أبنائهم ، فطلبوا من نبي لهم أن يعين عليهم ملكاً يجتمعون حوله و يقتادون بأمره و يدفع عنهم الظلم و الطغيان من الأمم المجاورة لهم ، فأمر الله تعالى نبي هذه الجماعة من بني اسرائيل أن يعين عليهم رجلاً منهم فقيراً وضيع النسب و اسمه "طالوت" ليكون ملكاً عليهم..
(ألم ترَ إلى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله، قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا، قالوا و مالنا ألا نقاتل في سبيل الله و قد أخرجنا من ديارنا و أبنائنا، فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم و الله عليمٌ بالظالمين، و قال لهم نبيهم إن الله بعث لكم طالوت ملكاً، قالوا أنَّـا يكون له الملك علينا و نحن أحق بالملك منه و لم يُوتَ سعة من المال، قال إن الله اصطفاه عليكم و زاده بسطة في العلم و الجسم و الله يؤتي ملكه من يشاء والله واسعٌ عليم)-سورة البقرة
لم يثبت مع طالوت إلا القليل و انسحب أغلب جيش بني اسرائيل و كان جيش جالوت جيشاً عظيماً و كبيراً، فعندما تلاقت الصفوف أصاب المؤمنون الرهيبة لعظمة الجيش ، و كان من عادتهم قبل القتال أن تبدأ بمبارزة بين طرفين، فنادى جالوت قائد الجيش العظيم بمن يبارزه، فخرج له شاباً ليبارزه و اسمه "داوود" فبارزه حتى قتله، و فرّ جيش جالوت منهزماً و انتصر بذلك المؤمنين، و تسلم داوود الحكم و الملك و جعله الله نبياً لبني اسرائيل و أنزل عليه الزبور فكان أول بني اسرائيل من جمع الله له بين الملك و الحكم و النبوة و الكتاب (و لما برزوا لجالوت و جنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين، فهزموهم باذن الله و قتل داوود جالوت و آتاه الله الملك و الحكمة و علمه مما يشاء) - سورة البقرة
اشتهرت اليمن و جنوب جبال الحجاز بصخور الماجنيت و هو الذي يستخرج منه خام الحديد بنسبة 75% لونه أسود ذو بريق و لمعان، و هو أنقى خامات الحديد و ذو مغناطيسية عالية ، و اكتشفت مؤخراً مناجم خام الحديد في اليمن و السعودية باحتياطي يقدر 830 مليون طن من الحديد .. هذا النوع من الحديد ما يسمى ب"حديد التمساح"، و هو الأشد صلابة و الأفضل على الاطلاق و يدخل في صناعة الدروع قديماً.. الحديد الخام عنصر فلزي مستقل لا يمكن تكوينه من معادن أخرى و كميته على الأرض محدوده، و هو منزل على الأرض من النيازك الساقطة التي أغلب كتلتها من الحديد ، و تعني كلمة حديد في اللغات القديمة (فلز من السماء).. و بذلك يعتبر الحديد ثالث أهم الأشياء المنزلة على الأرض بعد الكتب السماوية و الميزان .. (و لقد أرسلنا رسلنا بالبيانات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأسٌ شديدٌ و منافع للناس) - سورة الحديد
جمع الله على داوود عليه السلام ثلاثة أهم أشياء مُنزلة من السماء، فأنزل عليه كتاب الزبور، و علمه فصل الخطاب بالقضاء و الحكم و ألآن له الحديد فكان يصنع منه الدروع .. (ولقد آتينا داوود منا فضلاً يا جبال أوبي معه و الطير و ألنا له الحديد، أن أعمل سابغات و قدر في السرد و اعملوا صالحاً ) - سورة سبأ ، (و سخرنا مع داوود الجبال يسبحن و الطير و كنا فاعلين، و علمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون) - سورة الأنبياء .
في يوم من الأيام أراد الله أن يعلم النبي و الحاكم و القاضي الملك داوود عليه السلام درساً يؤدبه به و يبقى عبرة له و لمن بعده من البشر.. فبينما هو يعبد الله في مجلسٍ داخل بيته خصصه للعبادة و الصلاة في جوف الليل إذ فجأة قطع سكون خلوته جماعة من المتخاصمين دخلوا عليه بدون طرق الباب، و كانت هذه الجماعة المختلفة منقسمة إلى حزبين ، حزب مع رجل ضعيف فقير لا يحسن الكلام و لا الخطابة، و حزب مع رجل قوي يظهر على هيئته النعمة و الكبرياء و الثبات .. فبدأ الرجل المستضعف بالتظلم عندما ذكر طمع أخاه الذي تملك نعجته الوحيدة و هو ضعيف لا يملك قوة ليسترد نعجته أما أخاه فهو رجل غني لا يهمه أمر نعجة واحدة ، فتعاطف داوود سريعاً مع الرجل الضعيف و أصدر حكمه بوقوع الظلم على الرجل المستضعف .. ثم تبين لداوود أنها ملائكة من الله جاءت لتختبره و تعلمه درساً هاماً في الحكم و القضاء ..
إن الحكم بالحق، هو الحياد في الحق و عدم التسرع باصدار الأحكام، الحكم الصحيح على الآخرين لا نتبع فيه مشاعرنا و أهواؤنا و ميولنا العاطفية أو المذهبية أو العرقية ، فليس كل قوي هو ظالم و ليس كل مستضعف هو مظلوم ، و قد يكون المتخاصمان ضدين مختلفين لشئ واحد!!
( واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب، إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي و الاشراق، و الطير محشورة كلٌ له أواب، و شددنا ملكه و آتيناه الحكمة و فصل الخطاب، و هل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق و لا تشطط و اهدنا إلى سواء الصراط، إن هذا أخي له تسع و تسعون نعجة و لي نعجة واحدة فقال اكفلنيها و عزني في الخطاب ، قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه و إن كثيراً من الخلطاء ليبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليل ماهم و ظن داوود أنما فتناه فاستغفر ربه و خر راكعاً و أناب، فغفرنا له ذلك و إن له عندنا لزلفى و حسن مآب، يـــا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) - سورة ص .
=======================
#التمساح #النبي_داوود #التحيز #الحق #العنصرية #الاعلام #المظاهر_الخادعة #الحقيقة
#prophetDavid #DeceptiveAppearances #theRight #injustice #media #truth #storyteller #storytelling #novelist #story #tell
No comments:
Post a Comment